تكريم المعلم بين الواقع والطموح

تكريم المعلم بين الواقع والطموح
بقلم د. علي بن عبده الألمعي
يحث ديننا الإسلامي الحنيف،وتجمع البحوث والدراسات والرؤى،والخبرات العالمية،والنظريات التربوية على أن المعلم هو حجر الزاوية في العمل التعليمي والتربوي،وأنه صاحب الدور الأساس في الميدان المدرسي،كما يدرك المتخصصون وغير المتخصصين أن وظيفة المعلم سامية ومقدسة تحدث عنها الرسل، والأنبياء،ورجال الدين،والفلاسفة على مر العصور والأجيال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” إنما بعثت معلماً ” فالمعلم مربي أجيال وناقل ثقافة مجتمع من جيل الراشدين إلى جيل الناشئين،وقد نهتم بجميع أركان العملية التعليمية والتربوية،وننظم لذلك مايلزم من قرارات ولوائح،ونرصد مايلزم من ميزانيات،ونؤلف مايلزم من مناهج تعليم ومقررات الكترونية متقدمة، ونُعد مايلزم من المباني النموذجية،والمعامل الحديثة،والوسائل التعليمية المتطورة،ولكن نجاح كل ذلك مرهون بالمعلم،فلا يمكن لكل هذه التنظيمات والميزانيات والمناهج والمباني أن تحقق أهدافها إذا لم تجد المعلم المتميز والمخلص في علمه وخلقه،وتعامله،ومظهره،وقوله،وعمله،هذا المعلم الذي تدرك وزارة التربية والتعليم بجميع مؤسساتها التعليمية والتربوية دوره الجليل في تربية وتعليم الأجيال، وأهمية رسالته،وسمو أهدافها وغاياتها، فتحتفل مع جميع دول العالم يوم السبت التاسع من شهر شوال من هذا العام بيوم تكريم المعلم (الذي كان مقررا له يوم الثالث والعشرين من شهر رمضان) تأكيدا من الوزارة على الدور الرائد للمعلم في نجاح وتحقيق أهداف الرسالة التعليمية والتربوية في مدارسها،وتنفيذا للائحة يوم المعلم التي أصدرتها وزارة التربية والتعليم بموجب القرار الوزاري رقم32/7/1/422 وتاريخ 11/5/1406هـ والتي تنص على إقامة يوم في كل عام لتكريم المعلم بهدف زيادة الاهتمام بالناحية المعنوية للمعلم،وتنمية الوعي بأهميته،وسمو رسالته في المجتمع، وتشجيع الكفاءات الوطنية على الالتحاق بالوظائف التعليمية، وتشجيع استمرار المعلمين في خدمة التعليم،وتحقيق تطلعاتهم نحو التكريم والتقدير،بالإضافة إلى توثيق الصلة بين الطالب والمعلم من جهة،وبين المعلم والمجتمع من جهة أخرى.
ومهما يقدم للمعلم من تكريم أو تقدير فلن يكون سوء مساهمة بسيطة في التعريف بأهمية دوره ومكانته في تربية وتعليم أبناء الوطن،وأرى أنه إذا أريد أن يحقق المعلم دوره المطلوب في العملية التعليمية والتربوي فيجب أن يوفر له العديد من المميزات الوظيفية التي تجعله يتفرغ لأداء رسالته السامية،وذلك بتعيينه على المستوى الوظيفي المقرر له،مع توفير التأمين الطبي له ولأفراد أسرته،وصرف بدل سكن له،مع الارتقاء بتحصيله العلمي،وتنمية عمله المهني من خلال تصميم البرامج التدريبية والدراسية المتجددة له على رأس العمل،والتدريب التأهيلي للمعلمين من غير خريجي كليات التربية،بالإضافة إلى أهمية أن يعترف المجتمع بفضله وسمو رسالته،وبصفته معلماً بالمعنى الكامل لهذه الكلمة.
كما يجب على المعلم الإخلاص في أداء رسالته،وأن يبادر إلى الرفع من مستوى مهاراته، وخبراته العلمية والتعليمية،والاستفادة من التجارب العالمية المتقدمة في المجال التربوي والتعليمي،وأن يكون قدوة صالحة لأبنائه الطلاب يبصرهم بأمور دينهم،ويعلمهم ماينفعهم في حياتهم من العلوم المتقدمة والحديثة في ميادين التربية،مع الاستعانة بالتقنية التعليمية وفي مقدمتها الحاسب الآلي لترغيب وتسهيل طلب العلم على طلابه،كما يجب على المعلم أن يحث طلابه على خدمة دينهم ووطنهم والإخلاص له،والولاء لقادته، والاعتزاز بما تحقق له من إنجازات مشرفة في جميع مناحي الحياة.
جريدة الجزيرة الأثنين 11 شوال 1428 العدد 12807