تجارب الرواد وأهميتها
قال الشاعر :
وفي غابر الايام ما يعظ الفتى
ولا خير فيمن لم تعظه التجاربُ
وقال الانجليز (التجربة أم العلم) وفي المثل اللبناني (التجارب خير المدارس).
وبلادنا والحمد لله تزخر بالعديد من الرجال والرواد المجربين الذين تعلموا من الحياة الكثير والكثير وعايشوا تقدم وازدهار هذه البلاد خطوة بخطوة, أفنوا شبابهم وكل وقتهم في خدمة وطنهم بعدة مجالات تعليمية وأمنية وسياسية واقتصادية وغيرها, هؤلاء الآباء مروا بتجارب مفيدة وعاصروا احداثا عديدة صقلت خبراتهم وأفادتهم في شتى جوانب حياتهم وجعلتهم يتعلمون الصبر ويتحلون بالحلم ويحكمون العقل ويزنون الامور بميزان الحكمة والعدل, كانوا قدوة للاجيال القادمة من بعدهم فحذوا حذوهم في تولي المسؤولية والصعود الى القمة ومواجهة الشدائد وخدمة الوطن وعندما نتحدث عن هؤلاء الكبار في سنهم وفي تجاربهم ونبحث في سيرهم نستفيد الكثير ونعايش فترة زمنية هامة من تاريخ وطننا الغالي سطرها لنا هؤلاء الرجال بعزمهم واخلاصهم وعبروا فيها عن كفاحهم وتفانيهم في خدمة وطنهم وفي اداء ما أوكل إليهم من مسؤوليات بكل جد واخلاص يحدوهم في ذلك طلب الاجر والثواب من رب العالمين.
ومن هؤلاء الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي الذي عرض في كتابه (حياة في الادارة) الكثير من التجارب والخبرات لرجل خدم وطنه في العديد من المناصب وتولى الكثير من المسؤوليات ولا يزال، وكذلك الدكتور زاهر بن عواض الالمعي الذي نشر جزءا من سيرة حياته خلال ثلاثين عاما بدأها من الجندية حتى وصل العالمية، ثم الدكتور عبدالعزيز بن عبدالرحمن الثنيان الذي اتحفنا (ببوح الذاكرة) وعرض الكثير من المواقف التعليمية والاجتماعية التي عايشها هذا المربي الكبير اثناء عمله بادارة التعليم بمنطقة الرياض او اثناء عمله بوزارة المعارف والتي تهم وتفيد الكثير من رجال التربية والتعليم.
ولكن كم من الرجال في وطننا الغالي ممن رحلوا من تولي المسؤولية لطلبهم او لتقاعدهم دون ان يجودوا علينا بتجاربهم او ذكرياتهم ودون ان نستفيد من خبراتهم التي جعلتهم ينجحون في حياتهم العملية والاجتماعية والتي تكفي عن التعلم لسنوات وعن البحث والاطلاع للكثير من المراجع والكتب, فقد رحل الكثير من الرجال الاوفياء لوطنهم من الوزراء والمسؤولين والاكاديميين والخبراء والمعلمين والادباء والمربين من مناصبهم دون ان ينشروا ما علمتهم الايام من تجارب وما عايشوه من تطور ونماء لهذه الارض الطاهرة وما اتخذوه من قرارات كان لها الاثر الايجابي في الكثير من المواقف.
لذا فإننا نطالب هؤلاء الرجال بنشر تجاربهم وخبراتهم ومذكراتهم حتى نستفيد منها ونطلع على ما اتخذوه من قرارات وما اصدروا من تعليمات لازلنا نعيشها ونسمع عنها الى يومنا هذا وحتى يكونوا قدوة لنا في مواجهة الحياة بمتغيراتها والصبر على ما نواجهه فيها من عقبات والتعلم على تحمل المسؤولية التي تسند الينا كوننا جيلا واجه الكثير من المتغيرات وبسرعة هائلة جعلتنا نحرص على سماع الماضي والتمسك به مع معايشة الحاضر والاستفادة منه, وفي عرض تلك التجارب تخليد لذكر هؤلاء الرجال وتعريف لجزء من تطورات وطننا الغالي.
حق لنا على هؤلاء الرجال ان نسمع صوتهم وان نطالع مذكراتهم حتى تعلم الاجيال الحاضرة والقادمة انهم قدموا الكثير من الانجاز والعمل لوطنهم وشعبهم واننا فقط مكملون لما بدأوه مقدرون لما قدموه, كما ذكر الدكتور عبدالعزيز بن عبدالرحمن الثنيان عن أبي حيان التوحيدي انه قال (تجاربُ المتقدمين مرايا المتأخرين كما يبصر فيها ماكان يتبصر بها فيما سيكون).
ختاما : ترى هل نطالع تلك المذكرات قريبا ويتحقق حلمنا بالاطلاع,, عليها اتمنى ذلك.
والله من وراء القصد.