أهمية القيم الأخلاقية في نجاح مجال العمل
أهمية القيم الأخلاقية في نجاح مجال العمل
بقلم الدكتور/علي عبده علي الألمعي
القيم محطات ومقاييس ومؤشرات تحكم بها على الأفكار، والأشخاص، والأشياء، والأعمال،والموضوعات، والاتجاهات، والميول، والطموحات،والسلوك العملي،والمواقف الفردية والجماعية من حيث حسنها وقيمتها، أومن حيث سوؤها وعدم قيمتها وكراهيتها،أوفي منزلة معينة بين هذين الحدين،وقد عرف العلماء القيم بأنها تلك المرتكزات التي تقوم عليها الحياة كما حددها الوحي المعصوم في علاقة الإنسان بنفسه ومحيطه وخالقه،فهي قيم إنسانية من حيث كونها مطلقة، وإسلامية من حيث كونها موجهة بالتشريع الإسلامي الضامن لوجودها واستمرارها في كيان النشء قال تعالى: ( فطرت الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله ذلك الدين القيم)[الروم:30]وقال الرسول صلى الله عليه وسلم(كل مولد يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه).
وحين ترتبط القيم بمنظومة فكرية وعقائدية مطلقة تتمثل في الإسلام فإنها تستمد قوتها ورسوخها في النفس منه،وتنطلق من أصوله الإسلامية الرئيسية والمتمثلة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.فالقرآن الكريم يحدد القيم الكبرى التي تخلق التوازن في تعامل الإنسان مع خالقه والناس والمحيط من خلال قيمة التوحيد،وقيمة الحكمة، وقيمة التسخير.فقيمة التوحيد قيمة كبرى تتفرع عنها قيم العبودية كلها بجزئياتها وتفاصليها،كقيمة التقوى،وطاعة الأوامر،واجتناب النواهي،وقيمة الحكمة قيمة كبرى تحكم تعامل الإنسان مع أخيه الإنسان،وتتفرع عنها قيم التعاون والتآزر والتآخي،والإيثار والتكافل والتواضع،ومافي حكم ذلك من قيم تنظم العلاقات بين الناس،وقيمة التسخير قيمة كبرى تتفرع عنها قيم تعامل الإنسان مع بيئته ومحيطه من الأمم الأخرى غير الإنسان،قال تعالى:(ومامن دابة في الأرض ولاطائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم)[الأنعام:38].
والسنة النبوية وضعت الإجراءات التطبيقية للقيم التي وضع أساسها القرآن الكريم وذلك من خلال السلوك والقدوة،وبناء الأساليب وتقنيات التواصل في تعليم القيم،وأهمية تطبيقها،ومعرفة سماتها وخصائصها،وماتتميز به عن غيرها من القيم الوضعية في كونها ربانية المصدر،واقعية التطبيق،قابلة للتحقق في المجتمع بمختلف الوسائل والطرق وتتكيف مع مختلف الأحوال والأزمان والأمصار دون أن يؤثر ذلك في جوهرها.
وكون القيم تشكل وتوجه وتحرك سلوكنا في هذه الحياة،فهي إذا مطلب رئيس في مجال التدريب التقني والمهني وفي مجال العمل عامة،وتعد مرتكز التقدم والإنجاز في مجالات العمل المختلفة،فالعمل التقني والمهني لابد ان تنتشر وتسود فيه قيم الإتقان والالتزام والانضباط والأمانة والصدق ومايتصل بالجودة وقبل ذلك تقدير قيمة العمل ذاته واحترام العاملين وتقدير قيمة الوقت وتقدير المبدعين والمتميزين وحب الطموح والتعاون والمبادرة والتحدي وترشيد الاستهلاك وغير ذلك من القيم التي تتصل بالعمل ذاته،وتحدد مساراته وتتحكم في المستوى الذي يكون عليه العمل كما وكيفاً،فليست المعارف أوالمهارات وحدها هي الموجه الأول في العمل رغم إنها مطلب ولكن القيم تأتي في الدرجة الأولى من الموجهات لأنها بالتأكيد تؤثر على المعارف والمهارات وعلى مدى فاعليتها في سوق العمل.
وبما أن قيم العمل تتطور مع الحياة وتتجدد مع معطياتها،وارتباطها بالعديد من العوامل (الفكر-الإدارة-العلاقات-الإنتاج-التسويق..) وبفعل ماشهده العالم من ثورة صناعية وماتبعها من تطور في مجالات التقنية والاقتصاد مما أحدث تغيرا في القيم الإنسانية فإنه يجب على العاملين في المجال الفني والتقني والمهني الالتزام بالقيم الأخلاقية،وتمثل القدوة في تطبيقها، والحرص على توفير بيئة عمل آمنه يتوافر فيها الأمن النفسي والفكري والاجتماعي،حتى تصبح بيئة العمل منتجة متطورة، ذلك أنه عندما تسود القيم الأخلاقية في بيئة العمل فإنها تنظم سلوكيات الأفراد وتشعر كل منتسب إلى بيئة العمل بأهمية عمله الذي يؤديه مما ينعكس على سلوكه وتصرفاته في الاجتهاد والأمانة وتقدير الوقت واحترام الأنظمة والالتزام بالعقود والضوابط التي تضعها مؤسسات العمل والتحلي بالصبر والمثابرة وتحمل المسؤولية والتعاون مع الآخرين واحترام العمل،والحرص على تطوير الذات،والصدق في التعامل قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}،وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (عليكم بالصدق فان الصدق يهدى إلى البر وان البر يهدى إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب فان الكذب يهدى الى الفجور ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا).
ختاماً: إن تطبيق القيم الأخلاقية من النزاهة والاحترام و روح الجماعة والاتصال المفتوح والتميز والصدق والإخلاص والتعاون،وتحمل المسئولية والثقـة بالنفس،سوف يسهم في تحقيق أهداف العاملين في جميع المجالات وكوين وفهم وتطبيق ثقافتهم الإسلامية الشاملة،والنجاح في حياتهم العملية والعلمية.
والله ولي التوفيق،،،،